يوم كنت صغيرا ,كان ابي فلاحا يتغنى بحب الارض ويعشق المياه والزرع الاخضر , كان يشعر بان وجوده مرتبط بحبه لهذه الارض , وكان دائما يغرس بداخلي عشق الارض والانتماء اليها , ويعلمني ان حرمة الارض لاتقل عن حرمة الزوجة او الاخت او الام , وهكذا نشأت...
اليوم استيقضت متاخرا قليلا اذ طلبت من الاهل ان يتركوني نائما لحين استيقاضي بمفردي , لكن شروق الشمس وامتداد اشعتها مثل اياد تعبث براسي جعلني لم أأخذ كفايتي من النوم بعد سهر طويل ..
حين نزولي من السطح وجدت ابنتي الصغيرة تطالع كتابا بين يديها , لمحته عن بعد فكان كتاب التربية الوطنية والاجتماعية للصف السادس الابتدائي, ولما استشعرت وجودي قربها , رفعت رأسها مبادرة بالقول { بابا ..لقد اكتشفت باننا بلا وطن }..
لم استطع اخفاء استغرابي من قولها فضحكت ضحكة المندهش وانا اسالها {وكيف ذلك بنيتي ؟ }
قالت : بابا , سأقرأ لك مامكتوب في هذا الكتاب :
الموضوع / الوطن والمواطنة
الوطن فيه الامن والحماية والسكينة وفيه الاهل والاقارب والجيران ..
فقلت لها : نعم هذا صحيح
فقالت :
نحن لم نشعر بالامن يوما وليست لنا حماية بل اصبحنا نخاف الاعتقالات العشوائية ورمي التهم جزافا والصاقها بالناس , ولا توجد لدينا سكينة ولا اطمئنان ابدا ..واهلنا واقاربنا وجيراننا مشردون مهجرون في الارض حتى فاضت بهم البلدان , ومن تبقى منهم في العراق لم يجد عملا له غير التسول والعيش على النفايات ..
وكانت مسترسلة بالكلام وبحرقة وألم , ولم يوقفها الا مشاهدة دموعي التي تألقت في عيني فأطرقت رأسي خجلا لأمسح دموعي دون ان اجعلها تشعر بحزني وألمي
2 التعليقات:
سلمت اناملك اخي السعيدي ... يتولد هذا الشعور عندنا ايضا حين نشعر بما يشعر به الاطفال ايضا .. نشعر اننا خارج اسوار الوطن.. منفيون نرمقه من بعيد و نتحسس حرارة ترابه و طيبته بنفس الوقت .. فنلتهب حقدا على من هجرنا قسرا .. و لكن لا تبتأس يا اخي فسيعود الوطن المنفي منصورا الى ارض الوطن ...
اسعدني مرورك الكريم استاذ فاهم , واشتد سروري بالامل المنبعث من طيات كلامك الثر
إرسال تعليق