Posted on: السبت، 4 يناير 2014

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... - الحلقة الاولى- بقلمي شئ ما يحتم على الانسان ان يسرع في طلب المغفرة من الله ... لماذا يسرع ؟؟ مالذي يفوته لو ابطأ قليلا ؟؟ مالذي يحصل لو لم يسرع ؟؟ لا شك ان هناك شئ ما , يداهم الانسان الى درجة أن الله تعالى يوجه ويحث ويرشد الانسان الى ضرورة المسارعة .. ربما هو الموت ...الموت الذي يقطع على الانسان طريق المغفرة ويرفع عنه قبول التوبة ... لذلك لابد ان نسرع قبل ان يدركنا الموت الذي لا محالة مدركنا ... فهي إذا دعوة لمسابقة الموت قبل ان يقطع علينا طريق التوبة وقبل ان يغلق باب المغفرة .. وهاهي ابواب الموت تفتح شارعة فهل من مسارع ؟؟ انها معزوفة القدر التي غفل عنها من ثمل بكأس الحياة الدنيا وتثاقلت عيناه عن رؤية الموت المحيط وهو ينثر اوراقه الصفراء على جسد الامة المسجى عند شاطئ العراة .. تحضر في بالي لعبة بين خصمين , الاول يسرع من اجل الوصول الى مفتاح الكنز وهو موضوع على قمة الجبل ويشترط به ان يسابق خصمه ويصل الى المفتاح قبل وصول خصمه العنيد اليه , لكن ذلك الخصم لم يحصل ان فر منه احد , فكل طريق يسلكه المتسابق يجد ذلك الخصم أمامه ..ذلك الخصم هو الموت (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) ... تلك اللعبة تعتمد بالاساس على استخدام العقل , لكن اغلب من دخلها فشل , لأنهم جميعا ارادوا ان يفروا من خصمهم الذي لم يفر منه احد , جميعهم جعلوا غايتهم الفرار والتخلص من الخصم , وبهذا صار امر الوصول الى المفتاح امرا ثانويا ومطلبا هامشيا , ولو انهم حكموا عقلهم لوجدوا ان المفتاح اقرب اليهم من الخصم , لكنهم غفلوا عن ذلك وفشلوا في الاختبار . الحقيقة ان المغفرة بنفسها قد سابقت الموت وسبقته كثيرا في الوصول الينا , لكننا لم نلتفت الى اهميتها وكنا فيها من الزاهدين .. المغفرة , هي مفتاح الكنوز والذخائر وهي جسر المرور الى الجنة , لذا حثنا الله تعالى الى المسارعة لتحصيلها في الدنيا قبل ان يدركنا الموت ويسدل ستاره على دنيانا .. حبيب السعيدي وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... -الحلقة الثانية – بقلمي - نبتدئ بالكلام من حيث انتهينا في الحلقة السابقة , من ان المغفرة , هي مفتاح الكنوز والذخائر وهي جسر المرور الى الجنة , لذا حثنا الله تعالى الى المسارعة لتحصيلها في الدنيا قبل ان يدركنا الموت ويسدل ستاره على دنيانا .. فمساحة تحقق وتحقيق المغفرة هي في الحياة الدنيا ولا معنى لتحققها او تحقيقها بعد ان يلاقينا الموت الذي نفر منه فرار الشاة من الذئب , فالحياة الدنيا هي مساحة العمل , وبالعمل تتحقق المغفرة , اما بدون العمل فلا يمكن ان نتصور تحصيل المغفرة بأي حال من الاحوال .( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) , ولما كانت الدنيا هي مساحة العمل , والمغفرة لاتحصل بغير العمل فان مجال المغفرة هو في الدنيا ,وان العقل يحكم بوجوب الاسراع بتحصيل المغفرة مادام هناك متسع من الوقت للعمل , يحكم بوجوب الاسراع للعمل قبل ان نتفاجئ بملك الموت وهو يقطع علينا الطريق ملوحا بنهاية العمل . صار واضحا ان المسارعة هنا هي للوصول الى ساحة المغفرة لنلقي ذنوبنا وخطايانا قبل ان يدركنا الموت وقبل ان نكون عاجزين عن العمل , قبل ان نكون عاجزين عن اتيان الحسن من الاعمال وعاجزين عن اتيان القبيح من الاعمال , ...لا بد ان نكون , ونحن نطلب المغفرة , نكون قادرين على فعل القبائح والمعاصي , لتكون توبتنا توبة حقيقية , اننا قادرون على المعصية لكننا لانعصي , بل نتوب الى الله تعالى مما قدمت ايدينا في الزمن السالف. ينقدح في الذهن تساؤلان : وهما : هل المسارعة هنا تتضمن في معناها التسابق بين المؤمنين لتحصيل المغفرة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133))ال عمران ؟؟ والسؤال الاخر هو : هل المسارعة تشمل المسارعة الى المغفرة والمسارعة الى الجنة على حد سواء ام انها تقتصر على المغفرة وحدها ؟؟ سنؤجل الكلام في السؤال الاول الى الحلقة الثالثة , ونكتفي هنا بتسليط الضوء على السؤال الثاني .. قد يرى البعض ان المسارعة تمتد لتصل الى الجنة وطلبها ليجعلوا الاية الكريمة بقوة ( سارعوا الى مغفرة من ر بكم , وسارعوا الى جنة عرضها السموات والارض ) فتكون هناك مسارعة الى المغفرة ومسارعة اخرى الى طلب الجنة والحصول عليها , أي انه لاتكفي المسارعة الى المغفرة دون المسارعة الى الجنة , وبداهة نستطيع ان نلحظ ضعف هذا الرأي وهزاله , لانه وبشكل بسيط فأن تحقق المغفرة يؤدي بذاته الى تحصيل الجنة فيكون دحول الجنة تحصيل حاصل بعد تحقق المغفرة , والاية جاءت بشكل يرتب المقامات على شكل سلم متوالي المقامات فالدرجة الاولى في السلم تفضي الى الدرجة التي بعدها كما تفضي المغفرة الى الجنة .. جاء الانسان الى الدنيا عار من الذنوب والآثام كما هو عار من الثياب , ودخل ساحة الاختبار الدنيوية فعلقت به الكثير من موجبات دخول النار خلال مسيرة حياته , ولما كان الانسان لا يعلم متى يرحل ويخرج من هذه الدنيا كان عليه ان يسارع الى طلب المغفرة والاعتذار وغسل ما علق به من أدران وخطايا ليكمل مسيرته في عالم اخر وصولا الى مأواه الاخير , جنة عرضها السموات والارض . حبيب السعيدي وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... -الحلقة الثالثة- بقلمي... نبتدئ من حيث انتهينا في الحلقة السابقة من ان الانسان جاء الى الدنيا عار من الذنوب والآثام مثلما هو عار من الثياب , ودخل ساحة الاختبار الدنيوية فعلقت به الكثير من موجبات دخول النار خلال مسيرة حياته , ولما كان الانسان لا يعلم متى يرحل ويخرج من هذه الدنيا كان عليه ان يسارع الى طلب المغفرة والاعتذار وغسل ما علق به من أدران وخطايا ليكمل مسيرته في عالم اخر وصولا الى مأواه الاخير , جنة عرضها السموات والارض لذلك تجد ان الله تعالى يحثه على الاسراع في طلب المغفرة لكي لا يخرج من الدنيا وهو محمل بالاوزار والخطايا , لأنه ان خرج بذلك فانه لايزيل ما خرج به إلا النار بعد ان يكون قد استوفى كل فرص تجنب النار في حياته الدنيا حيث ان النار ستكون الوسيلة لتطهيره من الذنوب , لذا فما دام باب الاستغفار مفتوحا فعلى المرء ان يبادر الى الاستغفار قبل فوات الاوان وقبل ان يتوقف الزمن بلحظة موت لم نحسب لها حساب. لا يتصور المرء أن أمر الاستغفار صعب وان تحصيله صعب , بل انه امر في غاية السهولة اذ يكفي ان تقول ( استغفر الله ) وأنت صادق في نيتك لطلب الاستغفار , يقول تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)) النساء..فما عليك إلا أن تستغفر , وستجد الله حتما غفورا رحيما , فتحصيل المغفرة امر مضمون ولا يتطلب الا ان تقول ( استغفر الله ) ولا اعتقد انها بالامر الصعب , (واني لأستتغفر الله في ليلي ونهاري وقعودي وقيامي ).. لاحظنا خلال ما مر ان المسارعة كانت منصبة على تحصيل المغفرة قبل ان يدركنا الموت , وقد آن الاوان لنطرح السؤال الذي مر ذكره في الحلقة السابقة وتسليط الضوء عليه , والسؤال هو : هل المسارعة هنا تتضمن في معناها التسابق بين المؤمنين لتحصيل المغفرة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133))ال عمران ؟؟ يذهب البعض الى ان المسارعة تعني المسابقة مع انهما مختلفان في المعنى تماما , فالمسارعة تعني الاسراع في العمل دون أي لحاظ للآخرين , فمثلا تقول للتلميذ ( اسرع في الكتابة , اسرع في الاجابة ,.....) فلا يكون معنى ذلك أن ( اسبق الاخرين في الكتابة او الاجابة ) ولا علاقة لهذا الامر ببقية التلاميذ سواء أسرعوا أو ابطأوا , بل ان الامر مقتصر فقط بالتلميذ نفسه دون ان يكون متعلقا بالاخرين .. أما ( المسابقة ) فلا شك انها تتضمن في معناها وجود اشخاص اخرين داخلين في نفس المسابقة , ولو لم يكن هؤلاء الاخرين داخلين لما كان هناك معنى ل ( المسابقة ) , واذا توضح لنا ذلك فيكون الجواب واضحا من ان المسارعة في الاية المباركة لا تتضمن مسابقة الاخرين في تحصيل المغفرة , بل تقتصر فقط على الاسراع لتحصيلها دون النظر الى انه سبق غيره ام لم يسبقه . وهنا لابد من طرح اشارة لطيفة غدت واضحة لمن اطلع على الحلقات السابقة , وهي ان المغفرة لا تستوجب مسابقة الاخرين في تحصيلها , ولايضر تحصيل الغير لها قبلنا , وانما المهم هو الاسراع في طلبها , واذا عرفنا ذلك يصبح واضحا خطأ ماذهب اليه السيد مكارم الشيرازي في تفسيره الامثل من ان :: ((وسارعوا) تعني تسابق اثنين أو أكثر للوصول إلى هدف معين فيحاول كلّ واحد ـ باستخدام المزيد من السرعة ـ أن يسبق صاحبه ومنافسه ) التفسير الامثل ج 2 ص 692 فهو هنا قد ادخل في المعنى لحاظ اخرين يسابقوننا , وادخل فيها ايضا لحاظ ( إرادة ) سبق الغير فصار الهدف عنده من المسارعة هو سبق الاخرين , وهذا يعني انه يرى ان معنى المسارعة هو نفسه معنى المسابقة , وهو واضح في كلامه ((وسارعوا) تعني تسابق اثنين أو أكثر للوصول إلى هدف معين فيحاول كلّ واحد ـ باستخدام المزيد من السرعة ـ أن يسبق صاحبه ومنافسه ) , وهذا خطأ واضح .. حبيب السعيدي وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... - الحلقة الرابعة - بقلمي... نبتدئ من حيث انتهينا في الحلقة السابقة من بطلان ماذهب اليه سماحة السيد الشيرازي في تفسيره الامثل من وحدة المعنى لكلمتي ( سارعوا وسابقوا ) فمن البديهي ان طلب المغفرة يتوجب الاسراع الى تحصيلها دون النظر الى منافسة ومسابقة الاخرين في الوصول اليها , لعل البعض يرى انه لابأس من وحدتهما في المعنى لاسيما وانه ورد في القران مايشير الى ذلك حيث تجد اية تقول (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ........(133)) ال عمران , واية اخرى تقول (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .....(21)) الحديد..فالايات المباركة متقاربة اللفظ والمعنى كثيرا وهذا يعني ( حسب رأيهم ) ان كلمة (سارعوا ) تساوي من حيث المعنى كلمة (سابقوا ) باعتبار ان الآيتين متشابهتين تماما وكلاهما تحثان على تحصيل المغفرة .. والحقيقة ان الموضوع في الايتين مختلف تماما , فالاولى تركز على الجانب الاخلاقي وحثت الانسان الى وجوب المسارعة اليه , في حين ان الثانية تركز على الجانب العقائدي وتحث على مسابقة الغير وسبقهم في تحصيله ..ويكفي ان نكمل بقية كل اية منهما ليتضح لنا الامر , فآية المسارعة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)) ال عمران... اما اية المسابقة (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)) الحديد.. لو لاحظنا اية المسارعة سنجد (الانفاق في السراء والضراء , كظم الغيظ , العفو عن الناس , الاحسان ,الاستغفار , عدم الاصرار ) اما اية المسابقة سنجد فيها ( الايمان بالله ورسله ) فالاولى ( المسارعة ) اخلاقية بحتة , والثانية (المسابقة ) عقائدية بحتة .. ففي الجوانب الاخلاقية يكون الفضل والشرف لمن يسارع في تحصيل مكارم الاخلاق , ولا ينقص من فضله ان يسبقه غيره الى مكارم الاخلاق ..بينما في الجوانب العقائدية يكون الفضل والشرف لمن يسبق في تحصيل المسائل العقائدية من الايمان بالله ورسله ..., وقد تجد كلمة في القران قد جمعت الجوانب الاخلاقية والجوانب العقائدية وهي كلمة ( الخيرات ) فتارة تطلق ويراد منها الجوانب الاخلاقية وتارة اخرى تطلق ويراد منها الجوانب العقائدية , وتارة ثالثة تطلق ويراد منها كلا الامرين , الاخلاق والعقائد , .. ومعرفة المراد منها في كل موضع يتم من خلال ملاحظة وجود ( المسارعة ) او ( المسابقة ) ففي سورة البقرة تجد انها تدل على مسألة عقائدية وهي تخاذ القبلة , لذا تجد المسابقة لها موجودة في الاية (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)) فما دامت المسألة عقائدية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) .. وفي سورة المائدة عندما يكون الحديث عن الشريعة والمنهاج والحكم بما انزل الله ( وهو من الامور العقائدية ) نجد المسابقة موجودة (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)) وفي سورة الانبياء عندما يكون الحديث عن اخلاق زوجة زكريا وابنه يحيى , نجد المسارعة وليس المسابقة (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)).. و في سورة المؤمنون نجد انها جمعت العقائد والاخلاق معا , فنجد وجود المسارعة والمسابقة في الاية (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)) فالايمان بايات الله وعدم الاشراك به أمور عقائدية تتطلب السبق اليها , بينما الانفاق مما آتاهم الله أمر اخلاقي يتطلب الاسراع اليه , لذا ورد (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) .. حبيب السعيدي وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... - الحلقة الخامسة - بقلمي... هنالك اشارة لطيفة في الاية المباركة من سورة العمران (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(133)) فان الله تعالى يرغب عباده بالاسراع الى تحصيل المغفرة وصولا الى مقام معين , وهو مقام المتقين , فدعوة الاسراع بالمغفرة وتحصيل المغفرة هي مقدمة لتحصيل (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ) ,لكن هذه الجنة ليس لكل احد , ولم تعد ليدخلها أي انسان , بل صنف خاص من البشر أعدت لهم تلك الجنة , الا وهم المتقون , أي ان شرط دخول تلك الجنة هو ان يصل الانسان الى مقام المتقين ,وما امر الاسراع بتحصيل المغفرة إلا هداية إلهية لتبيين السبيل الاقوم والاقصر والاسهل للإنسان والذي ينبغي عليه سلوكه وصولا الى ذلك المقام الرفيع .. (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)ال عمران. ربما يتساءل البعض (كيف اصل الى مقام المتقين )؟؟وهل يكفي ان اقول ( استغفر الله ) لأكون من المتقين ؟؟ الحقيقة ان المغفرة هنا ليست مطلقة وانما هي درجة محدودة من المغفرة ( مغفرة من ربكم ) وهي نوع خاص من المغفرة يفضي الى مقام المتقين , وهذا النوع لايكفي فيه ما ذكرناه في الحلقة الثالثة من انه (يكفي ان تقول ( استغفر الله ) وأنت صادق في نيتك لطلب الاستغفار , يقول تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)) النساء)) فعندما تكون صادق في نيتك بطلب الاستغفار , يغفر الله لك , لكن لا يعني انك بمجرد ذلك تصل الى مقام المتقين .. فمقام المتقين فضلا عن الاستغفار بالنية الصادقة يتطلب القيام ببعض الامور , وبالتالي فأن دخول تلك الجنة ممنوع لغير من لا يقوم ببعض الامور , وهي التي تضفي على الانسان صفة المتقي وتمنحه مقام المتقين , وهي : - الانفاق في السراء والضراء - كظم الغيظ - العفو عن الناس - الاحسان - ذكر الله - الاستغفار - عدم الاصرار على المعصية (مع العلم بها ) وبعد الاتيان بكل ذلك تتحقق المغفرة التي تمنحك مقام المتقين , وتنال عندها جواز الدخول لتلك الجنة مختوما بختم ولي الله الاعظم في الارض ومصدقة من قبل الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه واله وسلم (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)) النساء.. ولو تابعنا اوصاف المتقين التي وردت في القران الكريم لوجدناها تدور ضمن اطار محدد لا يتجاوز عدة نقاط ومنها : 1- الايمان بالغيب 2- يقيمون الصلاة 3- الانفاق مما رزقهم الله 4- الايمان بالكتب المنزلة 5- الايمان باليوم الاخر .. وقد جمعتها بداية سورة البقرة ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)البقرة)) 6- الانفاق في السراء والضراء 7- كظم الغيظ 8- العفو عن الناس 9- الاحسان 10- ذكر الله 11- الاستغفار 12- عدم الاصرار على المعصية (مع العلم بها )... وقد جمعتها الايات المباركة من سورة ال عمران (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) ال عمران 13- الوفاء بالعهد .. ونصت عليه الكثير من الايات , ومنها - (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)ال عمران - ( إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)التوبة) - (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)التوبة )) 14- الغلظة في ذات الله ... ونصت عليه الاية المباركة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)التوبة) 15- قليلا من الليل مايهجعون وقد نصت عليه الاية المباركة (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(19)الذاريات) حبيب السعيدي


0 التعليقات:

إرسال تعليق