يجوب الشوارع كل يوم
يطرق الابواب ليأخذ النفايات ويرميها في الحاوية التي تقع عند الجزرة الوسطية في
الشارع العام المجاور مقابل مبلغ بسيط من المال من قبل اصحاب المنازل مع مايحصل
عليه من علب المشروبات الفارغة , يحمل اكياس النفايات على ظهره فتتقاطر السوائل منها
على ثيابه البالية وتلتصق الرائحة الكريهة بثيابه مما دفعني ان أأمر الخدم بطرده
من وراء الباب كي لا ارى منظره الكريه ورائحته النتنة وكي لايؤثر على الجو الذي
هيئته لولدي إذ اقترب موعد الامتحانات الوزارية للمرحلة الاعدادية التي لم أوفق
للتخرج منها وكلي أمل بأن يجتازها ولدي بمعدلات تسمح له الدخول في كلية الطب لا
سيما وان مستواه الدراسي جيد جدا إلا انه ضعيف شيئا ما في الرياضيات مما جعلني أكلف مدير مكتبي بأن يجلب له أرقى مدرس رياضيات
في البلد , وفعلا تم الاتفاق مع الاستاذ الجامعي ..... على تدريس ولدي مقابل مبلغ من المال ( وان كان
باهضا شيئا ما ) وباشر الاستاذ بالتدريس بعد ان هيأت لهما كل مستلزمات الدرس من
الهدوء والخدمة وغيرها لعلي انعم بشئ من راحة البال اتجاه مستقبل ولدي الدراسي وعسى
ان لا يزعجنا الزبال بطرقاته المجنونة على الباب ..
يوم الثلاثاء كان
موعد اجتماعي الدوري مع المدراء ورؤساء الاقسام , وعلي ان أطمئن على وصول الاستاذ الذي
تأخر عن موعده اكثر من نصف ساعة على غير عادته ودون ان يتصل او يعتذر عن المجيئ
مما جعلني مربك قليلا اذ لم اعتد على تاخير مواعيدي , ولكن مكالمة من سكرتيرتي
الخاصة تخبرني فيها بأن السيد الوزير بانتظاري منذ نصف ساعة جعلني اهتم للخروج دون
الاطمئنان على وصول الاستاذ , وما ان فتح الحرس الباب حتى فوجئت بوقوف الاستاذ وهو
يتصبب عرقا امام الزبال الذي كان يكلمه بقوة وجدية , فأشرت الى الحماية بأن يبعدوا
الزبال عن الاستاذ , لكنه أومأ لهم بأن يتوقفوا , فترجلت من سيارتي نحوهما وقد
بادرني الاستاذ بالكلام ( انه ألمع واذكى من تخرج من طلابي من الجامعة بداية
التسعينات ,لكنه لم يحظ بفرصة التعيين آنذاك لأن عمه متهم آنذاك بانتمائه الى احد
الاحزاب المعارضة للنظام , ولم يحظ بفرصة التعيين بعد زوال النظام ايضا كونه يملك
افكارا مضادة لما جاء به الاحتلال , فأنطوى على نفسه ولم يجد نفسه الا زبالا يطرق
الابواب )..
عندما انتهى الاستاذ
من كلامه كان الزبال قد ترك المكان دون ان نشعر به ولم نره بعد ذلك اليوم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق