عشق بدوي
عقلت ناقة بداوتي وعطفت نحو الرافدين ابحث عن وشاح حضارتي ومدنيتي , يحدو
بي أمل النوال وتوهم المآل , احمل في جلبابي قرطاسا وقلما كاد ان يجف فيه المداد ,
فلقد مضت السنون تلو السنون وهو متلهف ان يفرغ مكنون سره وعصارة حزنه بين اسطر
القرطاس , وقد آن الاوان ان يتعانق العاشقان في جنة على ضفاف الفرات , ويلهبان
الارض بحرارة العناق فينضج الرطب و يطيب الثمر ويحين القطاف , وسرعان ما أينع في
قرطاسي الثمر ,فللفرات سحر الوجود وسر الخلود وقوة الالهام ..
جلست اتغزل بقوام النخيل واداعب اشجار البرتقال .. انقش اسمي مع اسماء
العاشقين على جذوع الشجر مفتخرا بأن صار لي اسم مع تلك الاسماء , وكم هو جميل ان
تذكر في قوائم العشاق , ان تحفر اسمك بشفافية على جذع التاريخ , فربما بعد سنين
يمر احفادي من هنا لينقشوا عشقهم الابدي لهذا العراق فتقع نظراتهم الهائمة على
اسمي فيزيدهم فخرا انهم تناسلوا من اسرة كلها عشاق ..
امررت يدي بلطف على اسماء الخالدين لأستحضر وجودهم بقربي واستشعر بانتمائي
اليهم , اغمضت عيني كي أعيش لحظتي معهم , اجالسهم , احادثهم , اتواصل معهم عبر
جذوع الشجر , وما كنت ادري ان التواصل محظور والعشق محظور وان الحديث عبر جذوع
الشجر يرميك بسجن ابدي وغرامة تصل الى خمسين ناقة وانا قد عقلت ناقتي واحتضنت جذوع
رغبتي ظنا مني اني قد هجرت البداوة وقساوة الصحراء ..لكني سأعود الى بداوتي وباديتي
فليس فيها ما يمنع تواصلي وتغزلي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق