Posted on: الثلاثاء، 10 يوليو 2012

القانون لا يحاسب اباء يدفعون باطفالهم لسوق العمل


من نتائج تدريبات حول كيفية كتابة التقارير وعمل الحمّلات
أولى تقارير المتدربين الذين تدربّوا طيلة سنة كاملة في برنامج صحافة حقوق الإنسان التابع لمعهد صحافة الحرب والسلام في العراق.
رابط الحملة على الفيسبوك: أضغط هنا
التقرير من النجف الأشرف.
القانون لا يحاسب اباء يدفعون باطفالهم لسوق العمل
البرلمان العراقي لم يستطع تغير قرار اصدره صدام حسين عام 1991 بخفض سن الاطفال الداخلين لسوق العمل

يسحب عباس علي 12 عاما نفسا عميقا من سيجارته، ويتحدث بيده الملطخة بزيوت المحركات، “متطلبات الحياة كثيرة واذا لم اعمل فلن اعيش، لذا جلبني ابي الى هنا لكي اعمل”.
ترك حسن مقاعد الدراسة الابتدائية ليعمل في ورشة لتصليح محركات السيارات بالحي الصناعي في النجف حتى يتمكن من المشاركة في سد نفقات عائلته المكونة من ابويه وثلاثة اخوات.
علي الكرعاوي والد الطفل عباس اكد ان”الوضع الاقتصادي والحاجة هي من اجبرته على تشغيل ولده في الحي الصناعي” موضحا ان”العائلة التي ليس فيها موظف حكومي لاتستطيع العيش بلا عمل شاق كالذي يقوم به ولدي”.
ويبدو ان التشريعات العراقية السارية المفعول حاليا غير قادرة على محاسبة المسئولين عن عمالة الاطفال.
الدكتور نصار الربيعي وزير العمل والشؤون الاجتماعية يقول انه “في عام 1991 اصدر مجلس قيادة الثورة المنحل قرارا خفض فيه عمر التشغيل بالنسبة للاطفال من 15 الى 12 سنة ”
ويضيف ان “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وجهت كتاب رسمي الى الجهات المعنية في الحكومة العراقية ومجلس النواب لالغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل واصدار قرار يتماشى مع المواثيق الدولية لضمان حقوق الاطفال ”
ويستدرك الربيعي “لا نستطيع محاسبتهم الا بعد اصدار قرار جديد “.
لكن عبد الكاظم الشامي رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس محافظة النجف قلل من خطورة عمل الاطفال في الاحياء الصناعية معتبرا ان” الكثير منهم يعمل لغرض العيش ” مشيرا ان”الكثير منهم يعمل بعد الدوام الرسمي او في العطلة المدرسية فقط” فضلا عن”الكثير منهم يعملون مع ذويهم او مع معارف لهم وبموافقة عوائلهم ” على حد تعبيره
والى جانب الاحياء الصناعية ينتشر العشرات من الاطفال الصغار الذين يسمون ب”الدوارة” الى جانب المراقد الدينية وهم يبيعون القماش الاخضر وبعض الهدايا ذات الطابع الديني على الزوار وباسعار رمزية.فيما يقود اخرون عربات خشبية لنقل الزوار الكبار او امتعتهم او البضائع للمحال الواقعة داخل القطوعات الامنية ويقوم اخرون ببيع الاكياس الورقية، فضلا عن ان التقاطعات الرئيسية لشوارع المدينة ينتشر فيها اطفال باعمار مختلفة يعملون في بيع المناديل الورقية والعلكة وبعض الحلويات فيما يقوم اخرون بغسل الزجاج الامامي للسيارات مقابل هدايا رمزية.
عاصفة الياسري عضوة لجنة المراة والطفل في مجلس محافظة النجف اعتبرت ان”ظاهرة عمالة الاطفال في النجف مؤشرا خطيرا “.
وترى الياسري ان”هؤلاء الاطفال المتسكعون في الشوارع هم عرضة للانحراف والادمان والاستغلال من الاخرين”، وتشير الى ان”عدم وجود احصائيات دقيقة لاعداد هؤلاء ربما يصعب من مهمة معالجة هذه الظاهرة الخطيرة”.
مصدر امني طلب عدم الكشف عن اسمه تحدث عن ظاهرة وصفها بـ”الخطيرة تتمثل بظهور عصابات خاصة تستغل الاطفال المتسولين في المحافظة” موضحا ان “هناك عصابات تقوم بتوزيع الاطفال صباحا على التقاطعات ثم تقوم بجمعهم اخر النهار في اماكن ايواء خاصة مقابل تقديم الطعام والسكن لهم “.
الباحث الاجتماعي سبتي عمران اكد بالقول”نحن امام مشكلة حقيقية وظاهرة محرمة دوليا تتمثل بعمالة الاطفال دون سن 15 سنة” مضيفا ان”حل المشكلة ينبغي ان يمتد الى جذورها للخروج بمعالجات ناجعة” معتبرا ان”عدم وجود احصائيات حول عمالة الاطفال او احجام الجهات الحكومية عن اعطاء الارقام الحقيقية يعني ان افق الحل مازال مظلما”.
وتنص المادة 32من اتفاقية حقوق الطفل في فقرتها الاولى على حق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا” أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارا” بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
ويشدد وزير العمل على ضرورة ان تكون الاعمال التي يمارسها الاطفال غير شاقة، والا تم احالة المتورطين في تشغيلهم الى القضاء.
ويضيف الربيعي ان ” الوزارة شكلت فرق تفتيش تخرج باستمرار على اماكن العمل في الحي الصناعي والأسواق ومعامل الطابوق وغيرها من الاعمال الشاقة “، مشيرا الى محكمة العمل تبت الان في عدد من القضايا الخاصة بالاعمال الشاقة للاطفال.
رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس محافظة النجف يشير الى وجود ان”هناك لجنة مشتركة بين مجلس المحافظة ومركز شرطة الاحداث في النجف لمراقبة ومحاولة القضاء على ظاهرة تسول الاطفال الصغار في شوارع المحافظة “، لكنه يذكر اية احصائيات محددة لعدد الاحداث في السجون او نسب الجرائم المسجلة ضد الاطفال.
ويقول الشامي “البعض الاخر يتعاطى حبوب الكبسلة والمواد المخدرة الاخرى “واصفا اياهم بانهم “صيد سهل لذوي النفوس الضعيفة “حسب وصفه
الشامي قال ان”اللجنة المشتركة تقوم بجولة اسبوعية لجمع الاطفال المتسولين في الشوارع” موضحا ان”الخطوات المتخذة تشمل الاستفسار عن اوضاعهم الدراسية والاجتماعية ومن ثم استدعاء اولياء امورهم واخذ تعهدات خطية عليهم بعدم العودة الى الشوارع مرة اخرى” موكدا ان”البعض يلتزم والبعض الاخر يعود الى الشارع مرة اخرى”
متحدثا عن”مشاريع لتدريب الاطفال المتسولين والعاملين في الشوارع بالتعاون مع مركز التدريب التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية” موضحا ان البرنامج يتضمن”تعليمهم مهنة للعمل ومنحهم رواتب طوال مدة الدورة وادراج اسمائهم في سجلات التعيين”مشددا على ان”الاطفال المحتجزين في سجن الاحداث سيتم شمولهم بهذا البرنامج”لكنه قال ان”اشراك هولاء المساجين يحتاج الى بعض الترتيبات بالتعاون مع الشرطة”
الناشط المدني حيدر الزوركاني يقول ان “التعامل مع الموضوع بسطحية وعدم مبالاة، سيؤدي مشاكل اجتماعية اكثر خطورة” ويستدرك “المطلوب الان تعزيز الثقافة المجتمعية واشراك المجتمع في ايجاد حلول لعمالة الاطفال وانخراطهم في مهن لا تتناسب واعمارهم”.

راجي نصير
قاسم الكعبي
النجف

0 التعليقات:

إرسال تعليق