ياحسرتا على مافرطت في جنب الله اذ سخرت شبابي لخدمة رغبات جامحة ألقت بي على اعتاب الالم والوجع والندم ,
قوة الشباب بداخلي كحصان جموح يتعالى
كبرياءا وقوة ونشاط , اقتحمُ المهالك وامتطي الصعاب غير مباليا ولا مكترثا لما
سيؤول اليه الامر ..فتوة ما بعدها فتوة , وشغف بالمغامرة والمخاطر يحجب عن قلبي ضرورة التروي والتفكير
..وبعد عقود من الجموح والسير بلا وعي , صحوت على شباب مضى في قافلة الماضين ,
وشيخوخة تربعت في جسدي بغير استئذان وحزن يملأ القلب ويستوعب العينين ودنيا قد ولت مدبرة وتركتني في قفار العمر اسمع
في صدري {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ
يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ
السَّاخِرِينَ } فيزداد المي وتوجعي وأتوكأ على همومي وجراح قلبي , أرمي ببصري الى الافق البعيد فلا
ارى ابعد من ضياع سنيني وخلو يدي من كل
حيلة وتدبير ’ عواء الذئاب بات قريبا من مسامعي , من هنا وهناك , انها تحيط بي من كل الاتجاهات
, اقتربت حتى صرت المح بياض انيابها الراغب بحمرة دمائي , ومخالب استطاعت الوصول
الى جسدي وتمزيق ثيابي , فاضطجعت مستسلما لقدري
منتظرا نزع روحي كما نزع الدهر شبابي ..
وصار هلاكي وشيكا وصرت ابحث عمن
يكشف ظلمة الليل عني ويهدأ فزعي واذا بصوت
مدوي في الافاق {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا
مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} ..
هكذا حال
امتي وقد صارت فريسة الذئاب من الداخل والخارج , تموج بها الفتن وتعصف بها
الصراعات وتتقاذفها فتاوى القتل والارهاب والترويع فابتعدوا عن ساحة القدس واغمضوا
اعينهم عن الحق لما جاءهم
فابتلاهم الله بالباساء والضراء لعلهم يرجعون , لكنهم امعنوا في غيهم
وظلمهم وجعلوا لهم حكماً ولله حكم ,
وفرقوا بين العباد على ضوء مايشتهون وكذبوا الرسل وحاربوهم وغرهم بالله الغرور وخُدِعوا
بسلطان زائل وملك فان وقوة منهارة فحذرهم رجلٌ يخشى الله ودعاهم ان ينصفوا العباد وان يكونوا مع المظلوم
على الظالم بغض النظر عن هوية المظلوم او جنسية الظالم وضرورة اعتبار ان المظلومَ مظلومٌ مهما كانت
طائفته وقوميته وان الظالمَ ظالمٌ مهما كان انتماؤه ومذهبه ونصح لهم ولكنهم لايحبون الناصحين { فَلَمَّا نَسُوا مَا
ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا
فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)}
ولقد حق عليهم قول الله تعالى
{انْظُرْ كَيْفَ
كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً
أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا
يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ
عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا
يَشْعُرُونَ (26) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا
لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ }