Posted on: الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

رفقا بيعقوب


حيث يكون الجوع سائدا , يكثر الحديث عن الخبز, وحيث يكون القيد موجعا , تكثر احلام الحرية ..ليس تمردا على الواقع انما هي فسحة أمل ندغدغ بها ما تبقى من كرامة ..ما تبقى من مبادئ..
ازمات خانقة تعصف في بلدي تجعله مذبذبا , تارة هنا واخرى هناك ..كسفينةٍ ثملَ ربانها في عرض بحر الازمة , تتقاذفها تيارات  سياسية وأمواج فئوية , ودوامة طائفية عنيفة تهدد بقائها واستقرارها , وشعب ثبت انه لا يعرف السباحة , يرفض النزول الى قارب النجاة ..
حقيقة باتت اقوى من صراخ طفل ازعجه الاستخفاف به فأطلق العنان لصوته معلنا حماقة الكبار ..
الموت الاحمر يرسم خطاه على وطني , يقترب من بلدي , يمكر به  كأخوة صدّيقٍ رموه في جب البغض والحقد الدفين ..
 اولاد نبي , اخوة نبي , لم تردعهم عصم النبوة عن تغييب ارادة الله , ولم يكونوا مدركين ان يوسف لهم زاد ٌ ووطن ..وانه ما كان ينبغي ان يُجعل الوطن بضاعة تقيّم بثمن بخسٍ دراهم معدودة  او يباع في سوق العبيد لمن يدفع اكثر ..من اجل حفنة دراهم بيع يوسف ومن اجل حفنة دولارات بيع العراق في سوق العجم ..
ربما كانت الاقدار تخطط لتهيئة يوسف ليوم تجدب فيه الارض والسماء , (واقصد بيوسف هنا العراق) ..وتتنعم  تلك الارض البعيدة بما حرمت منه ارض كنعان ..خيرٌ عراقيٌ يفيض على وجه الارض واهل العراق في مجاعة وحرمان .. وقد آن الاوان , فحصارٌ سماوي وتدهورٌ اقتصادي يضرب بتلك الديار لينكشف التخطيط القدري بأن يوسف العراق اُعِدّ ليكون بوابة التنصل من الحصار  ويكون العرش المنبسط على القفار والعمار ,وهكذا اريد العراق وأُدخِرَ ليكون المنفذ الذي لا يغلق امام الارادة الايرانية فيما لو تعرضت الاخيرة لحصار او ضغوط او ماشابه , فقد استحلبت العراق حتى اتت على اخره ولم يبق لعراقي في بلده رزق ولا نصيب  , وآن الاوان ليشد اخوة يوسف الرحال بحثا عن الطعام , لم يبحثوا عندها عن الكرامة في يوسف, لم يبحثوا عن الوطن في يوسف..كانوا يبحثون عمّا يسترون به ذل الجوع , وهم اولاد نبي واخوة نبي ,صاروا يستجدون من بلاد العجم فتات ما كانوا فيه من الزاهدين
وهنا سيعرف اخوة يوسف قيمة ما ضيعوه ويعضون اصابع الندم على ما فرطوا بيوسف واخيه ..
فيا اهل كنعان ..رفقا بيعقوب

                                                     حبيب السعيدي

1 التعليقات:

Unknown يقول...

كم انت رائع يا استاذ كيف جعلت من يوسف العراق وكيف صوّرت الجياع بأخوة يوسف عندما عاينوا الندامة ندامة الجوع لا ندامة الضمير

إرسال تعليق