Posted on: الجمعة، 3 يناير 2014

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ..... -الحلقة الثانية – بقلمي - نبتدئ بالكلام من حيث انتهينا في الحلقة السابقة , من ان المغفرة , هي مفتاح الكنوز والذخائر وهي جسر المرور الى الجنة , لذا حثنا الله تعالى الى المسارعة لتحصيلها في الدنيا قبل ان يدركنا الموت ويسدل ستاره على دنيانا .. فمساحة تحقق وتحقيق المغفرة هي في الحياة الدنيا ولا معنى لتحققها او تحقيقها بعد ان يلاقينا الموت الذي نفر منه فرار الشاة من الذئب , فالحياة الدنيا هي مساحة العمل , وبالعمل تتحقق المغفرة , اما بدون العمل فلا يمكن ان نتصور تحصيل المغفرة بأي حال من الاحوال .( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) , ولما كانت الدنيا هي مساحة العمل , والمغفرة لاتحصل بغير العمل فان مجال المغفرة هو في الدنيا ,وان العقل يحكم بوجوب الاسراع بتحصيل المغفرة مادام هناك متسع من الوقت للعمل , يحكم بوجوب الاسراع للعمل قبل ان نتفاجئ بملك الموت وهو يقطع علينا الطريق ملوحا بنهاية العمل . صار واضحا ان المسارعة هنا هي للوصول الى ساحة المغفرة لنلقي ذنوبنا وخطايانا قبل ان يدركنا الموت وقبل ان نكون عاجزين عن العمل , قبل ان نكون عاجزين عن اتيان الحسن من الاعمال وعاجزين عن اتيان القبيح من الاعمال , ...لا بد ان نكون , ونحن نطلب المغفرة , نكون قادرين على فعل القبائح والمعاصي , لتكون توبتنا توبة حقيقية , اننا قادرون على المعصية لكننا لانعصي , بل نتوب الى الله تعالى مما قدمت ايدينا في الزمن السالف. ينقدح في الذهن تساؤلان : وهما : هل المسارعة هنا تتضمن في معناها التسابق بين المؤمنين لتحصيل المغفرة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133))ال عمران ؟؟ والسؤال الاخر هو : هل المسارعة تشمل المسارعة الى المغفرة والمسارعة الى الجنة على حد سواء ام انها تقتصر على المغفرة وحدها ؟؟ سنؤجل الكلام في السؤال الاول الى الحلقة الثالثة , ونكتفي هنا بتسليط الضوء على السؤال الثاني .. قد يرى البعض ان المسارعة تمتد لتصل الى الجنة وطلبها ليجعلوا الاية الكريمة بقوة ( سارعوا الى مغفرة من ر بكم , وسارعوا الى جنة عرضها السموات والارض ) فتكون هناك مسارعة الى المغفرة ومسارعة اخرى الى طلب الجنة والحصول عليها , أي انه لاتكفي المسارعة الى المغفرة دون المسارعة الى الجنة , وبداهة نستطيع ان نلحظ ضعف هذا الرأي وهزاله , لانه وبشكل بسيط فأن تحقق المغفرة يؤدي بذاته الى تحصيل الجنة فيكون دحول الجنة تحصيل حاصل بعد تحقق المغفرة , والاية جاءت بشكل يرتب المقامات على شكل سلم متوالي المقامات فالدرجة الاولى في السلم تفضي الى الدرجة التي بعدها كما تفضي المغفرة الى الجنة .. جاء الانسان الى الدنيا عار من الذنوب والاثام كما هو عار من الثياب , ودخل ساحة الاختبار الدنيوية فعلقت به الكثير من موجبات دخول النار خلال مسيرة حياته , ولما كان الانسان لا يعلم متى يرحل ويخرج من هذه الدنيا كان عليه ان يسارع الى طلب المغفرة والاعتذار وغسل ماعلق به من ادران وخطايا ليكمل مسيرته في عالم اخر وصولا الى مأواه الاخير , جنة عرضها السموات والارض . حبيب السعيدي


0 التعليقات:

إرسال تعليق