Posted on: الأربعاء، 23 مايو 2012

يومية عراقي - بقلم حبيب السعيدي






حينما تكون رؤية رجال الشرطة مقترنة بالجريمة , أتمنى ان لا ارى شرطيا على وجه الارض , وحينما تكون رؤية انتشار الجيش في الازقة مقترنة بانهيار أمني , اتمنى ان لا ارى جنديا في بلدي ,

لقد سئمنا الفوضى واللا قانون , وكرهنا فتاوى القتل والارهاب , نريد ان نشعر يوما بالامان , نعمل بامان , نأكل ونشرب بأمان , نتمنى ان نلاعب اطفالنا بأمان , ان لانرى في الاسواق العاب الحرب والات القتل والترويع, نريد حكايا سندريلا وبيضاء الثلج وحكايا الاميرة النائمة , نريد عراقا كما رسمناه بأحلامنا , كما خططناه بأوهامنا ,كما عشقناه بطفولتنا , عراقا لاتزر فيه وازرة وزر اخرى , ولايكون فيه مستقبل اطفالي ضحية خطأ المسؤول , وحياة اطفالي ضحية خطأ المسؤول ..نريد عراقا لايكون الانتماء اليه جريمة , وحبه جريمة , والتغزل فيه جريمة ..اريد ان اعبر عن عراقيتي بفطرتي , ببساطتي , دون تزويق الحقيقة ..ولكن لامهرب من الحقيقة .

بعد انتهاء دوامي اليومي في احدى دوائر الدولة , وحديث الموظفين والموظفات حول الوضع الامني المزري في المدينة في الايام الاخيرة والتفسيرات الاستهوائية والتراشق بالاتهامات من هذا وذاك مما يثير الحزن والكمد لما آل اليه الامر .. رجعت الى بيتي مثقلا بهموم تأججت بصدري من سوق الفقراء الذي يقع في طريق عودتي بكل مافيه من قصص المعاناة والفقر والحرمان , ومن الشوارع المغلقة بالكونكريت وازدحامات السير الخانقة , وجسر منصوب بالخطأ يحمل اسم الشهداء الخمسة , وكأنه هدية حاقدة لئيمة للشهداء الخمسة او كأنه لافتة إشعار بالفساد المالي والإداري او بغياب التخطيط ..

عند وصولي الى البيت توجهت مباشرة نحو غرفة نومي , استلقيت على فراشي رغم احساسي بالجوع ولكن حاجتي الى الهروب من الواقع كانت اقوى من جوعي , فأغمضت عيني وانا امني النفس بغد افضل وعراق اجمل حتى غلبني النوم واجتاحت ساحة احلامي كوابيس النهار , عبوات لاصقة , قنابل صوتية , مفخخات واحزمة ناسفة , هاونات وصواريخ موجهة , والعشرات صرعى وامهات ثكلى ,واشلاء متناثرة أكست الشوارع حمرة دماءها, ومن بين ركام الاموات يطل السيد المسؤول ببدلته الجديدة وربطته الانيقة وخلفه سبعون رجل حماية ليسجل اكذوبة نيسان ( ان البلد آمن والامن مستتب والوضع مسيطر عليه ), ورغم انه كابوس فقد تمنيت ان اصدق ذلك المسؤول وان اعيش لحظات الامن في كذبة المسؤول , الا ان دوي انفجار قريب أيقظني مرعوبا , وحركة مضطربة في الشارع جعلتني انظر من خلف النافذة لأرى الهلع قد ارتسم على زجاج النافذة , جيش كثيف , رجال يبثون الرعب في القلوب , مدرعين بالحديد ومدججين بآلات الموت والترويع , وصرخات تخطف القلوب قبل الاسماع , اسدلت الستار بفرائص مرتعدة خشية ان أرمى بالارهاب وأقاد كما يقاد المجرمون رغم اني امقت الجريمة واكفر بالارهاب ورغم اني عراقي من الدرجة الاولى , لكن عندما تحتدم الامور وتخلط الاوراق يصعب التمييز بين الولاءات وتضيع الاصالة بين الادعاءات , وكل يدعي الوصل بليلى ..
حبيب السعيدي

0 التعليقات:

إرسال تعليق