يزداد ألمي وتوجعي حين يمسك الفاشلون بزمام الامور , فتضيع معهم احلام
الطامحون وهويات المخلصون وأصبح عاطلا بعد ستة عشر عاما من الدراسة , وبعد عشرين
عاما من تخرجي من الجامعة أجد نفسي مع افواج من الخريجين وحملة الشهادات نتسكع في الشوارع
بحثا عن لقمة العيش , تارة نجمع القناني البلاستيكية الفارغة من النفايات وتارة
اخرى نجوب الازقة لشراء الخبز اليابس والسكراب من المنازل ومن ثم بيعها في السوق
لتحصيل ربح لا يسد رمق جائع ..
اثناء تجولي في الشوارع لطلب رزقي اصادف العديد من زملاء الدراسة ومن مختلف
المراحل الدراسية , منهم من لم يفلح حتى في الابتدائية فترك الدراسة وتوجه الى
تعلم مهنة تنفعه , وها قد اصبح افضل خبير في تصليح السيارات وله بيت بعدة طوابق , وسيارات
عدة , لكل فرد من اسرته سيارة حديثة , كنا جميعا ننعته ايام الدراسة بالغبي
والكسول , لأكتشف الان انه اكثر ذكاءا مني , تمنيت له كل السعادة والتوفيق ,
وفي الزقاق الاخر كاد يطير عقلي حين عرفت ان زميلي (فلان الفلاني ) أصبح
قاضيا , لقد كان يسرق مني مصروفي اليومي ويسرق أقلام التلاميذ حتى أن مدير المدرسة
آنذاك قد فصله من المدرسة سبعة أيام لأنه سرق محفظة المعلم .. لا أخفيكم أني حين
دخلت هذا الزقاق تلمست جيوبي ..
جمعت كيسين كبيرين من القناني الفارغة وحملتهما على ظهري وعدت ادراجي لبيع
ما جمعت , وفي الطريق لم اشعر الا ورجل يدفعني بقوة لأسقط ارضا وتتناثر محتويات
أكياسي , ثم رجل اخر يركلني واخر يلكمني , وهذا يسبني وذاك يشتمني , سحبت نفسي
زحفا نحو الرصيف والدماء غطت وجهي , لأكتشف فيما بعد أني مررت بجانب بيت المسؤول (الحاج
فلان الفلاني )..
لكن كيف صار حاجا ؟؟ ومن انتخبه ليكون مسؤولا ؟؟ لقد كان معي في الجامعة
وقد تم فصله نهائيا من الجامعة لأسباب اخلاقية ..وكانوا ينادونه باسم أمه إشارة إلى
دناءة وخسة نسبه ومولده ..لكن من يجرؤ ألان أن يقول ذلك ؟؟
ضاق صدري واحتبست الدموع في عيني لما صار إليه أمر العراق والعراقيين ,
شعرت بان نفسي تقودني إلى بيت الله لأبكي وأشتكي وأبث حزني إلى الله في حرم المسجد
, بقيت لأكثر من نصف ساعة أجوب المكان بحثا عن المسجد دون جدوى رغم إني متأكد انه
في نفس المكان فقد صليت فيه قبل سبعة أيام حين مررت من هنا ,
طفل صغير كان يراقبني ويريد ان يخبرني شيئا ما لكن الخوف باد في عينيه ,
اقتربت منه فبادرني ( يا عم : هل تريد مسجد محمد باقر الصدر ؟؟؟ لقد هدمته الحكومة أثناء الليل لأنه مأوى عشاق
العراق ) ..
بصراحة لم استغرب كثيرا لهدم المسجد , فدولة مسئولها ابن هند وقاضيها شريح
لاشك ستهدم كعبته وسينفى جندبها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق