الرسالية
الحركية وافراخ الشيطان
منذ الفجر الاول الذي لاح على وجه البسيطة وارسل خيوطه تغازل قد الصباح , نزل الانسان
برسالة السماء حيث لم يكن خلاف بين الامم من البشر {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ
النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}
لكن الكثير من الناس لم يكن يروقهم سبيل المصلحين وكانوا
يعانون من امراض اخلاقية وتشوهات فكرية جعلتهم يقفون بالضد من الرسالة الحركية
للانبياء او المصلحين بشكل عام وكانوا يستغربون قيام اولئك النخب المختارة بالتحرك
على المجتمع وتحمل الاذى الذي لايطيقه غالبية البشر وايثارهم على انفسهم وتضحيتهم باموالهم
وعيالهم في سبيل قضية يؤمنون بها , فعاب اولئك المرضى المنحرفون عليهم ذلك
واتهموهم بانهم ينشدون الملك والسلطان كما اتهمت قريش نبي الرحمة صلى الله عليه
واله بذلك , وقبل قريش كانت قبائل الانبياء واقوامهم لم يتوانوا عن منكر الا فعلوه
ليوهنوا عزم الانبياء وأنى لهم ذلك ..
ولعل اوضح شاهد على الرسالية الحركية للمصلحين وبالمقابل
جحود ونكران المجتمع هو ماذكره القران من قصة نوح عليه السلام مع قومه اذ كانت
رسالته حركية فقد مارس الدعوة ليلا ونهارا .. سرا وجهارا , ولمدة 950 عاما فلم
يزدهم دعاؤه الا فرار واستكبارا لانهم كانوا يرفضون الرسالة الحركية كونها
لاتتلائم مع تطلعات انفسهم الامارة بالسوء فنشئت منذ ذلك الوقت ثقافة التسقيط لكل
الرسالات الحركية التي ينزل اصحابها الى مستوى الفرد البسيط الذي لا حظ له من
العلم او الثقافة وصارت ترمى كل رسالة حركية بأنها حركة او حزب يروم الحصول على
السلطة ومنازعة السلطان ملكه وهو مادأبت على نشره وترسيخه كل الدول التي اعقبت
الدولة الاسلامية لاسيما الاموية والعباسية ومانتج عنهما من فكر هجين تقوّل به بعض
الذين بهرتهم الخلاعة الغربية وغلظة الصحراء العربية , ففي الوقت الذي وجه هذا الاتهام الى شخص الحسين
عليه السلام بأنه يطلب الحكم والرئاسة فقد
وجه ايضا للسيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه , وهذا يدل على ان
المنهج واحد والمشرب واحد وان اختلف فيه الادعياء الذين لا زالوا الى الان يتهمون
كل رسالة حركية في المجتمع بانها حزب يريد المنافسة على السلطة والمنصب لكي يقضوا
على كل ما من شأنه النهوض بالوعي التحرري لدى الجماهير , لأن الجماهير اذا تمتعت
بالوعي والثقافة العربية الاصيلة ( وليست الدخيلة من وراء الحدود ) فأنها ستحقق
التغيير الجذري لكل مناشئ واوجه الفساد والانحراف في المجتمع ومن ضمنها وفي
مقدمتها اؤلئك الجهلة الذين فرختهم الحضارة الغربية على رمال الصحراء العربية فقدموا العراق رافعين
شعار التظلم .
1 التعليقات:
تصوير رائع للاستاذ المدون السعيدي حبيب للواقع الذي نعيشه اليوم وسط الابتعاد الممنهج عن الحركة الرسالية لقيادة الامة ومحاولة بعض الجهال تشويه صورة المصلحين الذين يرومون انقاذ البلاد من براثن المفسدين .. اعتقد ان التشويه الذي تعيشه اليوم الحركة الاصلاحية لتغيير الامة نابع عن اجندات غربية تنفذ بايدي اشباه المثقفين او مدعي الثقافة .
إرسال تعليق